شهد يوم 8 يونيو/حزيران الماضي مجزرة مأساوية في مخيم النصيرات بغزة، حيث نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية العنيفة، مما أسفر عن استشهاد 274 فلسطينياً وإصابة مئات آخرين. كان ذلك الهجوم جزءاً من عدوان مستمر على القطاع خلال العام الأول، وترك آثاراً مدمرة على المدنيين والهيكل الاجتماعي في المخيم. الدكتور سامر أبو رويضة، الصيدلاني، كان ممن عايشوا تلك اللحظات العصيبة، حيث حاول إنقاذ عائلته في خضم الفوضى والدمار الذي حل بالمكان.
تبدأ تفاصيل المجزرة مع إطلاق كثيف للنار والرصاص من الطائرات الحربية الإسرائيلية، حيث كان سامر يمارس عمله بشكل طبيعي عندما بدأت الغارات. بعد نصف ساعة من بدء القصف، تدهورت الأوضاع بسرعة، وتعرض المخيم، الذي كان يُعتبر منطقة إنسانية، لهجوم مفاجئ من قبل القوات الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن السكان كانوا في الخارج بشكل اعتيادي، فقد أطلقت الطائرات نيرانها تجاههم دون سابق إنذار، مما أدى إلى إطلاق صرخات الخوف والذعر في شوارع المخيم.
حاول الدكتور سامر في لحظة الفوضى صعود المبنى الذي يحتوي على شقته، لكنه كان مهدداً بالخطر. ولدى وصوله إلى غرفة صغيرة في الصيدلية، سقط صاروخ أمام المبنى، مما أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص. ومع تصاعد الهجوم، احتمى مع عائلته وعدد من الجيران في مخزن صغير بالصيدلية، إلا أن وضعهم كان لا يزال مهدداً، بما أن العنف في الخارج كان يزداد سوءاً بطريقة مروعة.
وأثناء القصف، استمع سامر لأصوات الدبابات والجنود، ولاتهامات انفجارات متتالية، مما جعل من المستحيل تحديد ما يجري في الخارج. على الرغم من الفزع، عملت العائلة على إقناع الأطفال بالصمت، لكن فجأة، بدأ الأطفال في البكاء، مما جذب انتباه أحد الجنود الذي ألقى قنبلة داخل الصيدلية. لحسن الحظ، نجا سامر ومن كانوا معه من الانفجار، رغم إصابتهم ببعض الشظايا.
عندما انتهت حالة الهجوم وانسحبت الدبابات، خرج سامر لمشاهدة آثار المجزرة التي تسببت بها الغارات. كانت الشوارع مليئة بالسيارات المحطمة والحرائق، بينما تناثرت جثث الشهداء على الأرض. كان المشهد مرعباً، حيث سلط الضوء على القسوة التي تعرض لها المدنيون في هذا الهجوم. كما استهدفت العملية العديد من المنازل السكنية والمناطق المفتوحة، مما زاد من عدد الضحايا.
المأساة التي عاشها سكان مخيم النصيرات لم تتوقف عند حد الهجمات العسكرية فقط، بل أثرت بشكل عميق على المجتمع الفلسطيني بأسره، حيث تشكل هذه الحادثة جزءاً من صورة أكبر للمعاناة المستمرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني. تظل تلك اللحظات تجسد الألم والمآسي التي تواجهها الأسر الفلسطينية في ظل ظروف صعبة، مما يعكس الحاجة الملحة إلى السلام والعدالة في المنطقة.