تواجه أوكرانيا تحديات جادة في تجنيد الجنود بسبب استمرار الحرب مع روسيا، مما دفع الحكومة إلى توسيع نطاق عمليات التجنيد وتقليص سن الخدمة العسكرية. وحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن أزمة التجنيد تثير مخاوف من تصاعد التوترات الاجتماعية. في السابق، كان الجيش الأوكراني يتجنب التجنيد في الأماكن العامة لتفادي أي ردود فعل سلبية محتملة، لكنه الآن يستهدف المدن الكبرى والأماكن الراقية، مثل متاجر النبيذ في كييف وأحياء المطاعم الحديثة في أوديسا، مما يعكس الحاجة الملحة للحصول على جنود جدد.
على الرغم من الجهود التي يبذلها الرئيس فولوديمير زيلينسكي للحصول على مساعدات غربية، يبقى نقص الجنود هو العقبة الرئيسية في المقام الأول. كما يوضح كاتب التقرير أن معظم من كان لديهم الرغبة في الانضمام إلى الجيش قد فعلوا ذلك، فيما فرّ البعض من البلاد أو اختبئوا لتجنب التجنيد. فمع استمرار أعداد الضحايا في صفوف الجيش الأوكراني، تواجه البلاد صعوبة في إعادة تجديد قواتها بسبب الهجمات المستمرة منذ صيف العام الماضي.
لقد أدت العملية العسكرية إلى فقدان الآلاف من الجنود، مما أثر سلبًا على القدرة على تعويض تلك الخسائر. ومع الضغوط المتزايدة، خفضت أوكرانيا سن الخدمة العسكرية الإلزامية إلى 25 عامًا، وفرضت عقوبات على المتخلفين عن التجنيد. ورغم تضاعف أعداد المجندين في البداية بعد تطبيق تلك القوانين، إلا أن الأعداد تراجعت لاحقًا، مما استدعى السلطات لتقديم مزيد من التنازلات، في ظل النفوذ المتزايد للضغوط الغربية.
تلقي مشكلة التجنيد بظلالها على الجبهة الاجتماعية، حيث تصاعد الاستياء بين الجنود تجاه أولئك الذين يتجنبون الخدمة العسكرية. وذلك دفع بعض الجنود إلى التفكير في الفرار من الجيش لتحسين ظروفهم النفسية والاجتماعية. في هذا السياق، شهدت بعض الاحتجاجات حالات تصوير جنود وهم يجرون شبانًا يتجنبون الخدمة، مما أضاف مزيدًا من الضغط على الحكومة الأوكرانية لإدارة الوضع بشكل عادل، وإظهار أن الأعباء تقع على جميع شرائح المجتمع.
من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن الرئيس زيلينسكي يواجه ضغوطًا كبيرة لتأكيد أن جميع المواطنين يشاركون في أعباء الحرب. وقد تطورت هذه القضية إلى حالة من الغضب العام حين ظهر أحد الجنود في حفلة موسيقية وهو يجر شابًا، ما أثار استهجان الجمهور. رد فعل المسؤولين العسكريين على هذه السلوكيات يؤكد على ضرورة مشاركة الجميع في الحرب، وليس فقط المواطنين من المناطق الأقل حظاً.
وفي سياق مشابه، تعاني روسيا من خسائر كبيرة في صفوف قواتها، لكن تفوق تعداد سكانها على أوكرانيا يمكنها من الاستمرار في الحرب. ودون الحاجة إلى الاعتماد على المتطوعين كما تفعل أوكرانيا، تستطيع روسيا فرض الخدمة العسكرية الإلزامية على مواطنيها. وبالتالي، فإن قدرة كل من البلدين على الاستمرار في القتال تعتمد إلى حد كبير على نظام التجنيد والالتزام الوطني للمواطنين في ظل الظروف الحالية.