يرتبط الفلسطينيون بشجرة الزيتون ارتباطًا عميقًا، حيث تمثل هذه الشجرة الكثير من المعاني الروحية والرمزية بالنسبة لهم. تعتبر شجرة الزيتون رمزًا للتمسك بالأرض والصمود في وجه الاحتلال، ودليلًا على عراقة الهوية الفلسطينية. تتجاوز معانيها البعد الديني، لتصبح عاملاً موحدًا للشعب الفلسطيني في ظل التشتت الذي فرضته سياسات الاحتلال. على الرغم من الممارسات الإسرائيلية القمعية مثل تجريف الأشجار وحرقها، تبقى شجرة الزيتون صامدة، تعكس قوة الأمل والصبر لدى الفلسطينيين، وتستمر في تقديم ثمارها، التي تمثل مصدر عيش لكثير من الأسر الفلسطينية.

مع بداية موسم قطف الزيتون في منتصف أكتوبر/تشرين الأول، يجدد الفلسطينيون حبهم لهذه الشجرة. يبدأ العائلات بالتجمع منذ الصباح الباكر للقيام بممارسة تقاليدهم الممتدة عبر الأجيال في موسم قطف هذه الثمار المباركة. هذه اللحظات تنطوي على أجواء من الفرح والتواصل الاجتماعي، حيث يشارك الجميع، من أطفال وشباب وكبار، في هذه المناسبة ويجتمعون حول شجرة الزيتون التي تمثل جزءًا من حياتهم وتراثهم.

إلا أن الظروف ليست متماثلة بالنسبة لكل العائلات، كما هو الحال بالنسبة لعائلة سمرين من بلدة سلوان. فهم اضطروا لقطف ثمار الزيتون مبكرًا هذا العام، تفاديًا للاعتداءات من قبل الاحتلال والمستوطنين. عائلتهم تواجه اعتداءات محورية مثل تقطيع الأشجار، مما يهدد ما تبقى من أرضهم وزراعتهم. تحت شجرة الزيتون، تتحدث الحاجة أم موسى سمرين عن ذكرياتها خلال مواسم القطف الماضية، حيث كانت تجتمع مع أفراد الأسرة، وتستذكر بدفء تلك الأوقات التي كانت مليئة بالمساعدة المتبادلة والترابط.

تحمل هذه الأنشطة في داخلها الكثير من الألم والحنين، حيث يتجلى صوت الحاجة أم موسى وهي تتحدث عن الصعوبات التي واجهتها بعد أن استولت سلطات الاحتلال على أراضيهم. رغم المعاناة، لا تزال تصر على استمرار تقاليدهم وتوريثها للأجيال القادمة. تشير إلى أن الموسم الحالي لم يكن جيدًا كما كان في السابق، بسبب الاعتداءات التي تعرضت لها الأرض، ومع ذلك، تظل مصممة على الاحتفاظ بالأمل ومواصلة زراعة الزيتون.

عندما نتحدث مع ابنها شعيب سمرين، يظهر شغفه العميق بقطف الزيتون وأهمية الأرض في حياته. يعبر عن الأمل في استعادة الأرض التي فقدوها، وهو متمسك بولاء متجذر لأجداده وأرضهم. يتحدث عن الإصرار على التعليم لأبنائه قيمة الأرض والارتباط بها، ويؤكد على ضرورة التمسك بالزيتون كرمز هوية ووجود، رغم جميع المحاولات الإسرائيلية لطردهم من أراضيهم.

يستمر موسم قطف الزيتون في كونها فرصة للتواصل العائلي ولبناء ذكريات جديدة، تؤكد لطف وأنشطة الحياة اليومية في ظل الظروف الصعبة. تمثل لحظات قطف الزيتون رحلة استجمام من حياة مليئة بالتوتر، مستعيدين فيها ذكريات الماضي وآمال المستقبل. على الرغم من التحديات التي تقف أمامهم، يظل الفلسطينيون مصممين على الحفاظ على تراثهم وقيمهم ارتباطهم بالأرض، واحتضان شجرة الزيتون كرمز للأمل والمقاومة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.