في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في مصر، قرر “جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة” إلغاء عقود حق الانتفاع لعدد من المؤسسات الحكومية التي تتمتع بتاريخ غني على ضفاف نهر النيل. القرار الذي جاء مدعومًا بتعليمات رئاسية، يمهد الطريق لإخلاء مقار قضائية وثقافية وتعليمية كانت تمثل جزءًا لا يتجزأ من نسيج المدينة العريقة، والتي تمتد على طول نهر النيل من شمال العاصمة إلى جنوبها. وقد طُلب من هذه المؤسسات، بما في ذلك الأندية القضائية والجامعات، إخلاء الأماكن التي تشغلها دون سابق إنذار، مما أثار غضب العديد من المعنيين.

تعتبر المؤسسات المتضررة من هذا القرار، مثل نادي قضاة مجلس الدولة وكلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، أن هذه الخطوة تمثل ضربة قوية لتاريخها الثقافي والاجتماعي. وقد أبدت هذه المؤسسات رفضها للقرار، حيث لم يلبى احتياجها لتفسيرات حول أسباب تسليم الأراضي. ورغم هذه المطالب، لم تتلقَ أي ردود فعل مؤسسية حتى الآن، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه المنشآت ودورها في المجتمع.

من جانب آخر، لم تصدر الحكومة تعليقًا رسميًا حول المسألة، لكنها أصدرت بيانًا أشارت فيه إلى اجتماع تمت إقامته لمتابعة إجراءات التعامل مع أراضي طرح النهر. وقد تم تناول بعض المعايير الفنية المتعلقة بحماية النهر وجسوره. وسط هذه المعطيات، يبدو أن الحكومة تسعى لتحقيق التوازن بين تحقيق الأهداف الاستثمارية والمحافظة على التراث الثقافي والتاريخي لتلك المؤسسات.

تعود مسؤولية إدارة أراضي طرح نهر النيل إلى جهاز مشروعات القوات المسلحة منذ عام 2020، حيث تم منح تلك الأراضي من خلال بروتوكول مع وزارة الري. ومنذ ذلك الحين، بدأ الجهاز في تنظيم مزادات لهذه الأراضي لأغراض الاستثمار، مما يمكن أن يفسر دوافع إلغاء عقود الانتفاع، حيث إن الحكومة قد تسعى لاستثمار تلك المناطق بطرق أكثر ربحية على ضوء الأزمات الاقتصادية المستمرة.

مع تقدم الوقت، توسعت دائرة الرفض بين المؤسسات المعنية، حيث يرى العديد من المسؤولين أن القرار مفاجئ ويثير علامات استفهام حول أسبابه. ومن الملاحظ أن العديد من الأعضاء في الهيئات القضائية والتربوية أعربوا عن استياءهم من القرار وما يمكن أن يترتب عليه من آثار سلبية على المجتمع. وقد اعتبر نائب رئيس مجلس الدولة أن تنفيذ القرار قد يقابله مقاومة قانونية من قبل هذه المؤسسات، وبخاصة مع وجود مبررات قانونية ودستورية تدعم موقفهم.

وفي ختام الحديث، يمكن القول إن هذه الخطوة قد تكون ذات أبعاد اقتصادية واستثمارية في المقام الأول، حيث تهدف الحكومة إلى جذب المستثمرين وزيادة الإيرادات. لكن يجب أن يتم ذلك دون الإخلال بالبعد التاريخي والثقافي لهذه المؤسسات، وبالتالي، فإن التعامل مع هذه القضية يتطلب مزيدًا من الشفافية والتفهم من الحكومة، بدلًا من الاعتماد على الأساليب القهرية التي قد تؤدي إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.