في نجامينا، عاصمة تشاد، تتزايد الأنشطة الدبلوماسية الجديدة من المجر، وهي دولة لم يكن لها علاقات قوية مع تشاد من قبل. المجر، التي تعاني من فقر نسبي في أوروبا، قد افتتحت بعثة دبلوماسية في تشاد وأعلنت عن تقديم مساعدات إنسانية قدرها 200 مليون دولار، بالإضافة إلى خطط لإرسال جنود لمساندة تشاد في مواجهة الجماعات المسلحة. يبدو أن هذه الجهود تعكس رغبة المجر في تعزيز علاقاتها مع دول منطقة الساحل، حيث تعتبر الهجرة من هذه المنطقة تهديدًا أمنيًا لبعض الدول الأوروبية.

تعتبر تشاد، التي يواجه سكانها الفقر المدقع، من بين أفقر البلدان في أفريقيا مع نسبة كبيرة من سكانها يعيشون على أقل من دولارين في اليوم. وقد تؤدي الأزمات الإنسانية والنزاعات في الدول المجاورة، مثل السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، إلى زيادة تدفق المهاجرين إلى أوروبا. المساعدات التي تعهد بها أوربان تهدف إلى معالجة قضايا التنمية الأساسية مثل الفقر والرعاية الصحية، مما قد يقلل من الرغبة في الهجرة.

خلال زيارة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إلى المجر، تم تأكيد نشر 200 جندي مجري في تشاد، حيث سيقومون بتدريب القوات المحلية لمواجهة التهديدات الأمنية. يتراوح التهديد من الجماعات المسلحة، بما في ذلك بوكو حرام، التي تسعى إلى زعزعة استقرار الحكومة. بينما يظل نشر الجنود مجرّد اقتراح يحتاج لموافقة الجمعية الوطنية التشادية، فإن التشريعات المجرية قد مررت بالفعل الاتفاقية الأمنية الجديدة.

تشير بعض التحليلات إلى أن المجر تبحث عن نفوذ أكبر في أفريقيا وسط تنافس القوى العالمية مثل روسيا والصين. الاستقرار النسبي الذي تتمتع به تشاد في مواجهة التوترات الإقليمية يجعلها شريكًا محتملاً للدول الأوروبية الساعية لتعزيز أمنها. ومع انسحاب القوات الفرنسية، يبدو أن المجر تسعى لملء الفراغ وتعزيز علاقاتها بالاستفادة من علاقة عسكرية مع ديبي لتأمين مصالحها الاقتصادية والسياسية.

ومع ذلك، يواجه الرئيس ديبي تحديات داخلية، بما في ذلك الافتقار إلى الشرعية بعد استيلائه على السلطة. حيث أدت عمليات القمع ضد المتظاهرين إلى فقدان الثقة، مما يجعل دعم المجر قد يأتي في الوقت المناسب لتعزيز قبضة ديبي على السلطة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحالف مع دولة أوروبية قد يساعد في تحسين صورة ديبي بين العسكريين في البلاد، الذين يشكلون القوة الفعلية في تشاد.

في غضون ذلك، تتزايد التخوفات من وجود النفوذ الروسي في المنطقة، بعد انسحاب القوات الغربية. في حين أن تشاد في الوقت الحالي هي الشريك الرئيسي للغرب في صراعها ضد الجماعات المسلحة، فإن التقارب المحتمل مع روسيا يشكل علامة على تعقيد المشهد الجيوسياسي. إذ يبدو أن ديبي يحاول الموازنة بين المساعدات الغربية والروسية، مما يعكس استراتيجيته في إدارة التوترات الداخلية والخارجية ضمن سياق عدم اليقين الإقليمي.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.