تعتبر الانتخابات الأميركية من أبرز الأحداث السياسية ليس فقط على المستوى الوطني، بل على الساحة العالمية أيضاً. إذ تمتد تأثيراتها إلى مجمل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشغل الدول، مما يجعلها تتطلع إلى نتائج هذه الانتخابات بنوع من الترقب. وعلى الرغم من أن الانتخابات لا تؤثر بصورة مباشرة على التفاصيل الدقيقة للأسس السياسية العالمية، إلا أن اختيار الرئيس الأميركي يمهد الطريق لتوجهات عامة تهدف إلى تحقيق مصالح الولايات المتحدة، مما ينعكس بدوره على العديد من الدول. وبالأخص، هذا العام، يتم التركيز على التدخلات الأجنبية في الانتخابات، حيث ترتفع السلطات الأميركية أصواتها حول النشاطات السيبرانية التي تهدف لتوجيه الناخبين.
تشير التقارير إلى أن الدول التي تبرز في قائمة المتدخلين هي روسيا والصين وإيران. وقد تم تصنيف روسيا على أنها الأكثر نشاطاً في محاولات التأثير على الانتخابات الأميركية. وعلى الرغم من نفي هذه الدول للتهم الموجهة إليها، فإن التصريحات الأميركية لا تتوقف عند معلومات وكالة الاستخبارات المركزية بل تصل إلى اتهامات واسعة من سياسيين وصحفيين. وتتركز هذه النقاشات حول كيفية استخدام تلك الدول للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة في التأثير على سير الانتخابات.
بالاستناد إلى تقارير متعددة، يظهر أن إيران تستهدف الانتخابات من خلال عمليات قرصنة معلوماتية باتت تتكرر، والتي كان أبرزها اختراق حسابات مسؤولين سابقين في إدارة ترامب. في حين أن هذه الاتهامات ليست جديدة، فإن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن إيران تستغل الظروف السياسية الحالية لإظهار تأثيرها. ومع تزايد هذه الهجمات السيبرانية، يشعر مسؤولون أميركيون بالقلق من المعلومات التي قد تكون قد حصلت عليها إيران، ما قد يشكل تهديدًا محتملاً للإدارة الحالية.
إلى جانب إيران، تمتلك روسيا سمعة طويلة في محاولات التأثير على الانتخابات الأميركية، ويغلب ظن الخبراء أن موسكو تُفضل فوز ترامب في الانتخابات القادمة. إذ يعد ترامب بمثابة حليف استراتيجي لهم، حيث مع ذلك يمكن أن ينجم عن فوزه تقويض الاستقرار داخل الولايات المتحدة. وتشير التقارير إلى أن روسيا تسعى لتعزيز الفوضى السياسية والتشكيك في نزاهة الانتخابات، مما يضع للانتخابات الأميركية تحديات كثيرة.
أما الصين فتظهر بلعبتها الخاصة، حيث يبدو أنها تركز على تعزيز الانقسامات الداخلية في المجتمع الأميركي بدلاً من دعم مرشح معين. فقد طُرحت اتهامات حول إنشاء حسابات وهمية على الإنترنت لنشر معلومات مثيرة للجدل ومحتوى موجه، مما يعكس الاستراتيجية الصينية في التعامل مع الساحة الأميركية. ورغم نفي بكين لهذه التهم، إلا أن تصرفاتها تشكل مصدر قلق كبير يصل حتى لمستوى الأمن القومي الأميركي.
تتداخل هذه الديناميكيات بشكل معقد، مما يدفع مراقبي العلاقات الدولية للتأمل في تأثير الانتخابات على السياسة الخارجية لكل من هذه الدول. ومع أن الأميركيين يعولون بشكل كبير على قضايا الاقتصاد والمعيشة، إلا أن الأمور السياسية الخاصة بإيران وروسيا والصين تلعب دوراً مهماً في السياقات الحزبية. في النهاية، فإن كل من هذه الدول تمثل تحديات لأميركا، التي يعود تاريخ تدخلها في العديد من انتخابات الدول إلى الوراء، مما يثير التساؤلات حول صدقية الاتهامات الأميركية تجاه تلك الدول.