تشير استطلاعات الرأي المتعلقة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 إلى وجود تقارب كبير بين المرشحين الرئيسيين، الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس، مما يجعل احتمالات خسارة هاريس متقاربة مع فرصتها في الفوز. يعكس هذا التقارب حالة من الاستقطاب السياسي، وقد يؤدي فوز ترامب إذا حدث إلى إثارة نقاش داخلي كبير داخل الحزب الديمقراطي حول الإستراتيجيات والسياسات التي ينبغي توظيفها في المستقبل، خاصةً في ظل ما يعكسه المشهد الانتخابي من التحديات التي يواجهها الحزب، والتي تتعلق بخسارته في الانتخابات السابقة.

في هذا السياق، يوضح إريك ليفيتز في تحليله أن هناك تركيزًا بالفعل داخل الحزب الديمقراطي على كيفية مواجهة ترامب، بينما يُستعد في الوقت نفسه لإجراء تقييم شامل لفوز ترامب المحتمل وهزيمة هاريس. وقد بدأ بعض المعتدلين في الحزب اعتماد سردية تبريرية تخلف هاريس، مشيرين إلى أن السبب يمكن أن يكون بسبب الانحياز الكبير للحزب نحو جماعات المصالح اليسارية ونفوره من السياسات الاقتصادية التقليدية. بينما أشار بعض التقدميين إلى أن هاريس ربما تكون تعرضت للهزيمة بسبب ارتباطاتها بالشركات الكبرى وفشلها في تقديم رؤية واضحة للبلاد.

تاريخيًا، عندما يتعرض حزب لهزيمة انتخابية، يشهد عادةً تناقص نفوذ الفصيل الذي قاد الحزب نحو الفشل. فعلى سبيل المثال، بعد خسارة هيلاري كلينتون أمام ترامب في عام 2016، شهد الحزب الديمقراطي انتقالًا نحو سياسات أكثر تقدمية، وهو ما يعكس ضرورة الانفتاح على التجديد والتغيير. وقد شهدت إدارة بايدن تأثيرًا كبيرًا من الفصائل التقدمية، الأمر الذي يبرز أن ثمة ميلًا لتبني سياسات يمينية أو حتى معتدلة في حال خسارة هاريس، مما يعكس تغيرات في الأيديولوجيات والسياسات داخل الحزب.

الكتابة تتناول أيضًا أن هاريس حصلت على ترشيح الحزب الديمقراطي بدون خوض الانتخابات التمهيدية، مما يجعل من الصعب تحديد أي أجنحة الحزب يمكن أن تعزى لها نجاحها أو فشلها. وهذا يشير إلى عدم وضوح الموقف الحزبي بعد الانتخابات، حيث إن هزيمة هاريس قد تثير تساؤلات عميقة حول توجيه الحزب. والجدير بالذكر، أن الظروف التي دفعت الحزب إلى اتخاذ مواقف يسارية بعد خسارته أمام ترامب في عام 2016 قد لا تكون حاضرة بنفس القوة في الوقت الحالي.

بدلاً من تعزيز الفصائل التقدمية، فإن هزيمة هاريس قد تثير نقاشات جديدة حول كيفية تعديل سياسة الحزب واختيار مرشحيه في المستقبل. ففرص فوز ترامب للمرة الثانية قد تشير إلى تحول نحو الاعتدال، والذي يمكن أن يكود سمة مهيمنة في انتخابات عام 2028. حيث سيكون الحزب الديمقراطي مضطرًا للبحث عن توازن أكبر في استجاباته للأزمات وانتقادات السياسات السابقة، وهو ما قد يدفع الحزب نحو كسب الدعم من قاعدته الأكبر.

في النهاية، يُبرز التحليل أن نتائج الانتخابات المقبلة قد تكون لها آثار بعيدة الأمد على الحزب الديمقراطي. وإذا لم تخرج هاريس ناجحة، فمن الممكن أن يتجه الحزب نحو مزيد من الاعتدال في سياساته وتوجيهاته الانتخابية، مشيرًا إلى أن الديمقراطيين قد يواجهون جمهوريين مختلفين أكثر انضباطًا في عام 2028، مما يعني أنهم سيحتاجون إلى تعزيز استراتيجياتهم السياسية لتجنب الهزائم المستقبلية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.