تجدد قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجاز جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” يحيى السنوار، تسليط الضوء على سياسة احتجاز جثامين الفلسطينيين بعد استشهادهم، والتي تُستخدم كورقة مساومة. فقد تجاوز عدد الشهداء المحتجزين جثامينهم الـ600، مع تقديرات تشير إلى احتجاز مئات الجثامين من قطاع غزة، منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مقتل السنوار الأربعاء الماضي خلال اشتباك في حي السطان بمدينة رفح، وهذا الحدث يعد جزءاً من سياسة الاحتلال التي تُعزز من استمرار الاحتجاز.

في 1 سبتمبر 2024، قرّر المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) في إسرائيل عدم تحرير جثامين سبعة شهداء، من بينهم الشهيد الأسير وليد دقة، وذلك بهدف استخدامها كوسيلة للمساومة خلال مفاوضات تبادل الأسرى. المعلومات تشير إلى أن جثث هؤلاء الشهداء سوف تبقى محتجزة لأغراص تبادل الأسرى، وهو ما أكده الكثير من التقارير الإسرائيلية. وفي عام 2019، أجازت المحكمة العليا الإسرائيلية استمرار هذه السياسة واعتبرتها وسيلة مشروعة لأغراض أمنية.

وفقاً لتقارير صحفية، فإن جثمان السنوار محتجز في مكان سري وقد يُستخدم كورقة تفاوض في المستقبل. هناك حالة من الغموض حول مصير الجثمان، سواء كانت ستتم مراسيم دفنه أو احتجازه في ظروف غير واضحة. إذ يتجلى هذا الاستخدام السيء في سياسات الاحتلال تجاه جثامين الشهداء، والتي تعتبرها إسرائيل جزءًا من النظام الأمني الذي يهدف إلى ضمان سلامة مواطنيها من خلال عدم منح العائلات الحق في دفن أحبائها بشكل متساوٍ.

الاحتجاز لا يقتصر فقط على المقاتلين أو القادة، بل يشمل أيضًا النساء والأطفال. تأثرت عائلة الشابة ميمونة حراحشة، التي استشهدت مؤخرًا، بنظام الاحتلال، حيث تحاول العائلة استعادة جثمانها من خلال المحامين والمنظمات الحقوقية، لكن الردود دائمًا تكون أن الملف مؤجل بسبب الظروف الأمنية. هذا الوضع يُظهر مدى الإجراءات القاسية التي تتخذها سلطات الاحتلال والتي تؤثر بشكل مباشر على حقوق الفلسطينيين في دفن موتاهم بشرف.

منذ عام 1967، تم توثيق احتجاز جثامين 607 شهداء، من بينهم عدد كبير دُفنوا في مقابر الأرقام، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 351 شهيدًا احتُجزت جثامينهم منذ عام 2015. وفي سياق العدوان الأخير على قطاع غزة، لوحظ تصاعد كبير للعدد المحتجز، ليستفيد الاحتلال من هذه الجثامين كوسيلة ضغط وابتزاز. وزعم الناطق باسم الحملة الوطنية لاسترداد الجثامين أن عدد الجثامين المحتجزة يصل إلى 202، مما يوضح أن هذه السياسة باتت أكثر حدة في ظل الظروف الراهنة.

“مقابر الأرقام” تعد نمطًا آخر مثيرًا للجدل في سياسة الاحتلال، حيث يُحتجز العديد من الجثامين في مدافن دون أسماء أو شواهد. لذا، يعتبر هذا الأمر انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، حيث يُحرم المجتمع الفلسطيني من حقه الأساسي في دفن موتاه بشكل يليق بهم. تتناول الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء كذلك حالة الاحتجاز غير الإنسانية للجثامين، مشيرةً إلى ظروف الاحتجاز التي تفتقر إلى المعايير الإنسانية، بما في ذلك احتجاز نحو 1500 جثمان فلسطيني مجهولي الهوية.

بشكل عام، تُظهر هذه السياسات غير الإنسانية التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاه جثامين الفلسطينيين، مرونة واحترافية في الاستخدام السيء لهذه الجثامين كوسيلة للمساومة. إذ تشكل هذه السياسات جزءًا من منظومة قمع تهدف إلى مضاعفة معاناة الشعب الفلسطيني، ومحاربة حقه في احترام الموت والدفن، مما يعكس العقلية المتحجرة التي تتبعها سلطات الاحتلال في التعامل مع الفلسطينيين.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.