نشر مركز “ستراتفور” الأميركي، المتخصص في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، تقييماً للأوضاع المضطربة في القرن الأفريقي في أعقاب ظهور تحالفات تعارض إثيوبيا. وقد حذر المركز من أن انتشار قوات عسكرية مصرية مرتقبة في الصومال قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع إثيوبيا، والذي بدوره قد يثير احتمالية وقوع اشتباكات بين القوات المصرية والإثيوبية في الصومال. ويشير ستراتفور إلى أن هذه التطورات قد تنجم عنها فراغ أمني يمكن أن تستغله حركة الشباب المجاهدين. في سياق متصل، قامت الصومال ومصر وإريتريا بتوقيع اتفاق ثلاثي لتعزيز التعاون الأمني، وهو ما يعتبر دليلاً على تصاعد العلاقات بين مصر والصومال وزيادة الاحتكاكات مع إثيوبيا.

تُعتبر الاتفاقات والأحداث الأخيرة جزءًا من تصاعد التوترات الدبلوماسية بين إثيوبيا والصومال، وخاصة عقب توقيع إثيوبيا اتفاقاً مع أرض الصومال في بداية العام والذي منحه الحق في استخدام ميناء بربرة. ويُنظر إلى هذا الاتفاق على أنه انتهاك للسيادة الصومالية، حيث هددت مقديشو بطرد القوات الإثيوبية الموجودة على أراضيها إذا لم يتم إلغاء الاتفاق مع أرض الصومال. وتؤكد التقارير أن الصومال حددت موعداً نهائياً لذلك بحلول نهاية العام بسبب المخاوف من تأثير القوات الإثيوبية على جهود محاربة حركة الشباب.

في ظل هذه التوترات، تزداد المخاوف بشأن الأمن في المنطقة، حيث يُحتمل أن يؤدي طرد القوات الإثيوبية إلى تقويض العمليات ضد حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية فرع الصومال. تضاف إلى ذلك التحديات داخل الصومال، حيث تكون بعض الولايات الفيدرالية مثل جوبالاند وجنوب غرب الصومال أكثر قلقاً بشأن تأثير غياب القوات الإثيوبية في مواجهة التهديدات الإرهابية. وتواجه ولاية بونتلاند أيضاً مشاكل أمنية مع تصاعد تهديد تنظيم الدولة، مما يعقد من جهود التنسيق الاستخباراتي بين الحكومة المركزية والولايات.

لقد خلق هذا السياق حالة من عدم اليقين في العلاقات بين الصومال ومصر، حيث يمكن أن تُعتبر أي مساعدة عسكرية مصرية لتعزيز الحكومة الفيدرالية محاولة لتقويض الحكم الذاتي للولايات. يُظهر تقييم ستراتفور أن هذا التعاون العسكري بين الصومال ومصر يُمكن أن يؤثر على الديناميات الداخلية ويزيد من التوترات بين مختلف الأطراف كما أنه قد يؤدي إلى تعقيد الجهود الرامية لمحاربة الإرهاب.

على الرغم من ذلك، يبدو أن الاتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا حول ميناء بربرة قد يؤدي إلى تصعيد الأوضاع، مما يزيد من خطر اشتباكات عسكرية مباشرة بين القوات الإثيوبية والصومالية. إذا أدت توترات مشابهة لنشوب صراعات، فإن احتمالية تصعيد الانخراط المصري في الصومال قد تثير كلاً من التعقيدات الدبلوماسية والنزاع الإقليمي. في حال استمرار المناوشات، يمكن أن تُستخدم القوة العسكرية كوسيلة للتعزيز الأمني، ولكنها قد تؤدي لنشوب حرب بالوكالة تستغل فيها الصومال المتمردين الإثيوبيين.

كما أن احتمالية تكرار الصراعات قد تفتح الباب لاشتباكات عسكرية بين القوات المصرية والإثيوبية تحت ذريعة حماية سيادة الصومال. وفي الوقت الذي يبدو فيه السلام القائم في إثيوبيا مع الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين مستقراً، فإن الانتكاسات الأمنية المحتملة قد تدفع إثيوبيا لمزيد من العمل ضد القوى المتمردة. وبذلك، تحذر ستراتفور من أن تصاعد التوترات في القرن الأفريقي قد يزيد من شدة الصراع وعدم الاستقرار بالمنطقة، ما يحتّم على الأطراف المعنية التعامل بحذر لتفادي تفاقم الأوضاع.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.