أثار إعلان إسرائيل عن مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، اهتماما كبيرا في الصحف الأميركية، حيث تناولت كل من نيويورك تايمز وواشنطن بوست وفورين بوليسي هذا الحدث من زوايا مختلفة. حذرت نيويورك تايمز من مغبة تضخيم الأهمية السياسية لهذه الواقعة، مشيرة إلى أنه بالرغم من كونها حدثًا بارزًا، فإن مقتل السنوار وحده لن يكون كافيًا لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو للتقدم نحو حل الدولتين. ورأى الكاتب توماس فريدمان أن مقتل السنوار يشير إلى إمكانية المضي قدمًا في خطة تفضي إلى إعادة النظر في العمليات السياسية القائمة، لكنه يؤكد ضرورة وجود قيادة إسرائيلية قادرة على استثمار هذه الفرصة.

أكد فريدمان على ضرورة إصلاح السلطة الفلسطينية وتحسين أدائها، مشيرًا إلى أهمية تعيين سلام فياض لرئاسة حكومة تكنوقراط جديدة تتولى قضايا الإصلاح والاجتثاث الفساد. واعتبر أن المؤسسة الفلسطينية بعد إصلاحها يمكن أن تطلب رسميًا دعمًا دوليًا للحفاظ على السلام في غزة، وهو ما يتطلب توافقًا بين الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية. ومع ذلك، شدد على أن الدول العربية لن تشارك في أي قوة حفظ سلام إلا إذا كانت العملية السياسية مؤدية إلى إقامة دولة فلسطينية.

في إطار آخر، رأت واشنطن بوست أن مقتل السنوار قد يفتح المجال لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، ولكنها حذرت من الصعوبات المحتملة لتحقيق ذلك. اعتبرت الصحيفة أن مقتل السنوار قد يكون نقطة انطلاق لتجديد الحوار حول الاحتمالات المطروحة لوقف الصراع، مشيرة إلى ضرورة استجابة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لهذه الفرصة. ومن جهة أخرى، دعت الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الانخراط بشكل أكبر في الضغط على إسرائيل نحو تحقيق السلام ووقف الأعمال العدائية.

أما فورين بوليسي فقد قدمت تحليلاً لنقاط القوة والضعف التي قد تواجهها حماس بعد مقتل السنوار. أدرك الباحث دانييل بايمان أن اغتيال السنوار لن يكون نقطة تحول في الصراع، وأنه رغم كونه انتصارا مؤقتا لنتنياهو، فإن إسرائيل تظل بعيدة عن تحقيق خطة واقعية للحكم في غزة. وتنبأ بايمان بأن حماس ستعيد تنظيم صفوفها، مشيرًا إلى أنها ستستفيد من الوقت الذي تحتاجه لإعادة البناء، بينما يعكس الواقع الحالي للميدان أن المواجهات لم تنته بعد.

كما وقف بايمان على أن حماس ستحتاج إلى تغيير استراتيجيتها بالنظر لعودتها إلى العمل المسلح بعد سنوات من المقاومة، وقد يؤدي ذلك، في حال حدوث تغير قيادي، إلى تصعيد الصراع مجددًا. كما لفت الانتباه إلى أن تكتيكات القتال المنفصلة التي ستتبعها حماس قد تكون علامة على استمرار الإخفاقات في تحقيق دولة ذات سيادة. ورغم اعترافه بالآلام التي تعاني منها إسرائيل، إلا أنه أشار إلى أن المشاكل الحقيقية ستظل قائمة إذا ما استمرت العمليات الحربية الحالية.

في الختام، تبرز المقالات المختلفة التي تناولت مقتل السنوار التباين الكبير في التوقعات حول مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إذ تتراوح الآراء بين من يرون أن المقتل قد يمثل فرصة في إعادة بناء العملية السياسية، وآخرين يؤكدون أن الوضع القائم لن يتغير وأن الجيش الإسرائيلي سيستمر في عملياته العسكرية، ما يزيد من تعقيد الوضع في غزة ويجعل حماس تصبح أكثر قوة مع مرور الوقت. وبالتالي، فإن المستقبل القريب سيظهر أي القوى الإقليمية ستكون لها اليد العليا في توجيه الحلول الممكنة للصراع.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.