في سياق الانتخابات الأمريكية المقبلة، يتنامى القلق بشأن “مشروع 2025” الذي أعدته مؤسسة “هيريتاج فوندايشن”، والذي يهدف إلى تعزيز هيمنة الرئيس المحتمل دونالد ترامب على الإدارة الفدرالية. وعلى الرغم من أن ترامب حاول الابتعاد عن هذا المشروع لاستخدامه كتكتيك انتخابي، إلا أن التحليلات تشير إلى أنه يمثل تهديدًا خطيرًا للديمقراطية الأميركية. يُظهر هذا المشروع نية واضحة لاستبدال العديد من الموظفين الفدراليين بخبراء وأشخاص موالين له، مما قد يغير الديناميكيات القائمة على التوازن والسلطة داخل الحكومة.

نشأت مؤسسة “هيريتاج فوندايشن” من إرث الثورة الريغانية، ولكنها تطورت لتصبح أكثر تطرفًا تحت تأثير “الترامبية”. ترى الافتتاحية بصحيفة “لوتان” أن هذا المشروع لا يعد مجرد خطة سياسية، بل هو بمثابة تغييرات جذرية في شكل النظام السياسي الأميركي. في حال فوز ترامب، ستمنحه السلطات فرصة ضخمة لإعادة هيكلة الإدارة الفدرالية بطرق قد تقلل من التوازنات المؤسسية التي كانت تُعد من عوامل قوة الديمقراطية في الولايات المتحدة.

يستند مشروع 2025 إلى أفكار تتعارض مع الفلسفة الأساسية لقانون بندلتون، الذي تم اعتماده في القرن التاسع عشر لتأمين إدارة حكومية محايدة ومستقلة عن السياسة. إن العودة إلى مثل هذا النوع من التعيينات السياسية، وبدء تسييس موظفي الحكومة، يمثل تهديدًا كبيرًا قد يعيد الولايات المتحدة إلى تجارب ماضية من الفساد والمحسوبية. ويصف القائد السابق لهيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي ترامب بأنه “فاشي حقيقي” نظرًا لخطاباته التي تشجع على العنصرية وتمييز الأقليات.

يتضمن مشروع 2025 إجراءات صارمة ضد المهاجرين غير الشرعيين، حيث يخطط ترامب لتنفيذ عمليات ترحيل غير مسبوقة، تستهدف نحو 11 مليون مهاجر. كما يبدو أن هذا المشروع يتماشى مع الحمض النووي للجماعات اليمينية المتطرفة، مما يعمق الانقسام الاجتماعي ويزيد من مشاعر التوتر بين الفئات المختلفة في المجتمع الأمريكي. هذا، بالإضافة إلى إضعاف حقوق الإنسان والحقوق المدنية.

إضافةً إلى ذلك، يشمل المشروع تأثيرًا سلبيًا على البيئة من خلال التخلي عن الاستثمارات المتعلقة بتغير المناخ، بالتوازي مع تقليص دور وكالة الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. ومن المخاطر المتوقعة، تعود الولايات المتحدة إلى الاعتماد على الطاقات الأحفورية وسط الأدلة المتزايدة على آثار التغير المناخي، مما قد يؤدي إلى تفاقم الكوارث الطبيعية. وتعتبر تلك التحركات كما تشير التحليلات بمثابة تخلي عن مسؤوليات الدول العظمى في مواجهة التحديات البيئية العالمية.

بالمجمل، يُظهر “مشروع 2025” رؤية استراتيجية متكاملة يمكن أن تعيد تشكيل المشهد السياسي الأمريكي، مما يثير مخاوف كبيرة حول هيمنة ترامب المحتملة على الحكومة وسلطاتها. يتناول الكاتب في مقالته التحديات التي قد تواجه الديمقراطية إذا ما عاد ترامب إلى السلطة، محذرًا من العواقب السلبية التي قد تنجم عن تزايد سلطته وتوسع نفوذه. إن هذا المشروع الذي يهدف إلى تعزيز دور الرئاسة قد يجعل من الصعب الحفاظ على قيم الديمقراطية التي تمثل حجر الزاوية للولايات المتحدة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.