تتواصل معاناة السيدة جملات وادي، التي فقدت تمامًا كل ما تملك جراء قصف إسرائيلي استهدف مركز إيواء في مستشفى شهداء الأقصى، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة 33 آخرين. كانت جملات تحاول إنقاذ ما تبقى من أغراضها التي التهمتها النيران، لكنها لم تجد شيئًا سوى الملابس التي هربت بها مع بناتها وحفيداتها. فقدت الأسرة كل شيء، بما في ذلك الفراش والأغطية والأوراق الثبوتية، في نشوب الحريق الذي أتى على خيمتها بالكامل. مشاعر الفقد والصدمة تسيطر عليها، إذ أن الحريق أدى أيضًا إلى إصابات برَّ أنان بناتها.
تجسد قصة جملات وادي واقعًا مريرًا يعاني منه العديد من النازحين في غزة. فقد تزامن القصف الذي دمر خيمتها مع هجوم مماثل آخر أودى بحياة حوالي 22 شخصًا في مخيم النصيرات، مما زاد من حجم الكارثة الإنسانية. اضطر النازحون للنزوح من مناطقهم بحثًا عن الأمان، لكنهم واجهوا مصيرًا مشابهًا في مراكز الإيواء، حيث لم تكن لديهم أدنى مقومات الأمان.
تحدث كمال ماضي عن تجربته المروعة، وهو أيضًا نازح تعرض لخسائر فادحة. إثر قصف مفاجئ، أصيب ابنه بشظية في بطنه، مما زاد من قلقه ومعاناته. رغم محاولته الهرب مع أسرته، فقد تعرضت خيمته للنيران، ولم يتبق لهم سوى الملابس التي ارتدوها. يعبر ماضي عن استيائه من الأوضاع، مشددًا على ضرورة وقف الحرب التي تسببت في قتل الأبرياء.
بينما يعدد مصلح، أحد الناجين، المشاهد المؤلمة التي عاشها خلال تلك الليلة، حيث أكد على الفزع الذي خيم على الجميع. فقد كانت أصوات الصراخ والدخان والحرائق تملأ المكان، ما جعل الجميع في حالة من الرعب الدائم. وأشار إلى أن الفوضى والقلق اجتاحت المكان نتيجة لهذه الأزمات المتكررة، مما دفعهم للتفكير في كيفية النجاة والتهرب من الموت.
يرى الكثيرون أن الهجمات على مراكز الإيواء ليست عرضية، بل تأتي في إطار سياسة ممنهجة تهدف لإبادة السكان ودفعهم للهجرة. وقد أكد المحلل مصطفى إبراهيم هذه النقطة، مشيرًا إلى أن القصف المتكرر على مراكز الإيواء يمثل جزءًا من الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على المدنيين في غزة. سياسة ممنهجة تعتبر أخطر من غيرها، إذ تمس حياة الناس وتعطل أي شكل من أشكال الحياة الممكنة.
في ختام المشهد الإنساني، تعكس هذه القصص والذكريات المأساوية حجم الكارثة التي يتعرض لها الغزيون. عانت العائلات من فقدان كل شيء، بما في ذلك الأمل في الحصول على حياة آمنة ومستقرة. ورغم المحاولات الدولية للفت الانتباه إلى الوضع في غزة، إلا أن الصمت والمماطلة يعمقان من معاناة هؤلاء النازحين. إن النتائج الكارثية لهذا الوضع تضع جملة من التساؤلات حول مستقبل السلام والأمان في المنطقة.