يُعاني سكان شمال قطاع غزة من ظروف مأساوية جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ تسعة أيام، والتي تخللتها مشاهد مؤلمة تجسد معاناة المدنيين، خاصة الأطفال. الصحفي معاذ الكحلوت، الذي يقطن في شمال غزة، وثق لحظات قاسية، منها بكاء طفل رضيع يتيم إثر استشهاد والدته جراء القصف. يعكس هذا المشهد ما يعانيه الفلسطينيون من صدمات نفسية وفقدان، حيث يسعى الأطفال إلى تهدئة الرضيع دون جدوى. الكحلوت يصف الوضع في الشمال بأنه يتدهور بسرعة، وسط إجراءات الاحتلال التي تسعى لتفريغ المنطقة من سكانها، مميزًا البنية التحتية المتضررة من القصف المدفعي.
تأتي معاناة سكان شمال غزة في سياق هجوم شرس لاحتلال يسعى لتطويق المدنيين واستهدافهم. يعبر موسى سالم، أحد سكان بيت لاهيا، عن مشاهد مؤلمة رأها عندما حاولت بعض العائلات النزوح إلى مدينة غزة، حيث تعمد قناصة الاحتلال استهدافهم وقتلهم، مشيراً إلى فقدان العديد من الأرواح أمام أعين أسرهم. الصور المفجعة للنساء والأطفال الذين يرغبون في الهروب من الموت تكشف حقيقة العدوان الإجرامي الذي يعتمد على القصف العشوائي.
تشير تفاصيل العدوان إلى إبادة ممنهجة من قبل الاحتلال، كما يوضح طارق الدقس من مخيم جباليا، الذي شهد جريمة قتل سيدة بعد وقت قصير من وصولها لمستشفى “اليمن السعيد”. الحديث هنا ينم عن الوحشية التي يتسم بها الهجوم، إذ يتم استهداف البيوت والمخابز ومحطات المياه، مما يقوض جميع مقومات الحياة الحضرية. الدقس يلفت الانتباه إلى أن المناطق دُمرت بالكامل حتى تُجبر السكان على التوجه للجنوب، موضحًا أن مستشفيات عدة أصبحت غير قادرة على تقديم المساعدة الجرحي.
فيما يستمر القصف، يحكي حسن الزعانين، من سكان مخيم جباليا، عن مأساة سيدة لديها أربعة أطفال معاقين، حيث فقد الاتصال بها ولا يعرف أحد مصيرهم، مما يعكس الفوضى وحجم الاستهداف العشوائي في الحرب. الزعانين يصف أن الأوضاع في المنطقة صعبة للغاية، والمجاعة تضرب السكان الذين لا يجدون ما يسد رمقهم، في ظل غياب الحياة التجارية وقطع المؤن الغذائية.
الأوضاع الإنسانية تتجه نحو الأسوأ، وفقًا للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الذي يحذر من أن السكان العالقين بين جدران منازلهم مهددون بالموت جوعًا وعطشًا. حتى مع محاولات النزوح إلى مناطق الجنوب الآمنة، تواجه الفئات الضعيفة الاستهداف المباشر، مما يجعل الهروب من جحيم الموت مسعى محكوماً بالفشل.
في الختام، تؤكد هذه الشهادات والتقارير على الكوارث الإنسانية التي يعيشها سكان شمال قطاع غزة، وما يُعبر عن المعاناة اليومية للمواطنين الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين نار العدوان والاحتلال، مما يستدعي تضافر الجهود الدولية للضغط نحو إنهاء هذا النزاع وتحقيق السلام.