قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن حزب الله تمكن من استعادة قدرته الردعية في مواجهة إسرائيل، مما أدى إلى حدوث تحول استراتيجي في ميزان القوى بين الطرفين. وحذر حنا خلال التحليل العسكري من أن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وخاصة القبة الحديدية، أصبحت غير قادرة على توفير حماية شاملة لإسرائيل أمام التهديدات المستجدة التي يمثلها حزب الله. وأوضح أن القبة الحديدية تحتوي فقط على 10 بطاريات، وهو عدد غير كافٍ لتغطية كامل المساحة الإسرائيلية، وهذا الأمر يجبر إسرائيل على تحديد أولوياتها في حماية بعض المدن الرئيسية، مما يترك مناطق أخرى أكثر عرضة للخطر والهجمات.

وفي سياق تطوير قدرات حزب الله، أشار حنا إلى أن الحزب حقق تقدماً نوعياً، خاصة في مجال الطائرات المسيرة. حيث أصبح لدى المسيرات قدرة على المناورة، مما يتيح لها الوصول إلى مناطق سكنية دون أن يتم اكتشافها أو اعتراضها. وأوضح الخبير العسكري أيضًا أن حزب الله بات يستخدم تكتيكات جديدة مثل إطلاق رشقات صاروخية لإرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية، متابعًا مرور طائراته المسيرة عقب ذلك، مما يشكل تحدياً كبيراً لمنظومة الدفاع الإسرائيلية.

كما تناول حنا أبعاد الإستراتيجية العسكرية لحزب الله، موضحاً أن الحزب يتبنى نمطاً جديداً في القصف، حيث يهدف إلى زيادة الكلفة على جيش الاحتلال وقراراته السياسية. وأكد أن هذه الاستراتيجية تعبر عن جاهزية حزب الله العسكرية على الأرض، من جنوب الليطاني إلى الخط الأزرق. وتطرق إلى تأثير عمليات اغتيال قيادات الحزب على استراتيجيته، مشيراً إلى أن فقدان الأمين العام حسن نصر الله كانت له تبعات كبيرة، ولكن الحزب تمكن من إعادة التوازن والبدء في رفع مستوى الردع مجددًا.

وتحدث حنا عن الأبعاد السياسية للعمليات العسكرية المرتبطة بحزب الله، مشيراً إلى أن الأهداف العسكرية يخدمها ضغط سياسي داخلي على إسرائيل. ورغم تصاعد التوترات، أوضح أن إسرائيل تدرك المخاطر التي تواجهها، مما دفعها للبحث عن وسائل لتعزيز قدرتها الردعية، بما في ذلك إعادة بناء استراتيجيتها الدفاعية. وأكد أن الاستراتيجية الإسرائيلية مستمرة في العمل على تحقيق الردع، لكنها تفتقر إلى عنصر الإنذار المبكر والقدرة على الحسم السريع، وهذا يعد ضعفا في معادلة الصراع.

وفي هذا الصدد، حذر حنا من تزايد المواجهات المباشرة بين إيران وإسرائيل، مشيراً إلى تصعيد الأعمال العسكرية بين الطرفين. وأوضح أن العمليات الأخيرة تشير إلى دخولنا في مرحلة جديدة من المواجهة، خاصة مع العمليات العسكرية التي نفذتها إيران وتهديدها بالرد، مما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا. وأكد أنه ليس من المتوقع أن يقوم جيش الاحتلال بشن هجوم بري ضد حزب الله، إذ أن ذلك من شأنه أن يمنح الحزب نقطة قوة، بل من المرجح أن تسير الأمور باتجاه صراع طويل الأمد يفضي إلى حل سياسي.

بناءً على ذلك، يظهر أن الوقائع العسكرية والإستراتيجية في الساحة اللبنانية والإسرائيلية تتجه نحو تصعيد وشيك. ومع أن هناك جهوداً تبذل لتعزيز القدرات الردعية، إلا أن المتغيرات الميدانية وقدرات حزب الله المتزايدة تجعل المشهد معقدًا. تبقى مسألة الأمن الإسرائيلي مرتبطة بتقلبات الوضع على الأرض، حيث تؤثر كل من التكتيكات الجديدة لحزب الله وأداء القبة الحديدية على الأبعاد الاستراتيجية العاملة في المنطقة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.