تتناول التحليلات السياسية الروسية المتعلقة بالعلاقة بين روسيا وسوريا ملامح جديدة تعكس تدهوراً في هذه الشراكة التي ظلت لفترة طويلة تبدو قوية وغير قابلة للانهيار. ففي ظل سنوات من الحرب الأهلية، يعبّر المحلل الروسي أندريه أونتيكوف عن مخاوفه من أن الواقع في سوريا قد أدى إلى زيادة مشاعر الإحباط وعدم الرضا عن الدور الروسي في البلاد. حيث أصبح السؤال عن دور روسيا في الصراع السوري أكثر إلحاحاً، خاصة بعد أن أظهر الوضع في إدلب أن الإنجازات العسكرية لم تعد كافية لإرضاء السوريين الذين يشعرون بأن موسكو لم تعد حليفاً يعتمد عليه.
تعتبر الأوضاع الاقتصادية المتردية في سوريا عاملاً رئيسياً في تعزيز الاحباط لدى السكان. بحسب أونتيكوف، تعود هذه الأوضاع الصعبة جزئياً إلى العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة وأوروبا، والتي تمس جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الأمن الغذائي والخدمات الصحية. وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني حوالي 55% من السوريين من انعدام الأمن الغذائي، بينما هناك ملايين آخرون معرضون للخطر، مما يثير تساؤلات حول قدرة روسيا على اتخاذ خطوات فعالة لمواجهة هذه الأزمة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية.
التوترات الناجمة عن السياسات الخارجية تلقي بظلالها على العلاقات الروسية السورية. حيث تشير التقارير الإعلامية إلى أن الضغوط الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية تشكل تحدياً لروسيا، التي أصبحت تُتهم بفقدان السيطرة على الوضع. إذ ترى بعض وسائل الإعلام أن موسكو تقف متفرجة بينما تتعرض سوريا للاعتداءات الجوية، بينما стоит أونتيكوف موقفاً أكثر تعقيداً، مؤكداً أهمية الحفاظ على علاقات جيدة مع الأطراف الإقليمية بما في ذلك إسرائيل.
في ظل الأوضاع الراهنة، تعمل روسيا على رفع التوترات ومحاولة تحقيق المصالحة بين الحكومة السورية وتركيا. هنالك حوالي أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا، مما يجعل قضايا العودة وإعادة الإعمار محور النقاشات، ولكن الوضع معقد للغاية بسبب الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية، مما يعوق إمكانية التوصل إلى حلول دائمة. يبدو أن هناك حاجة ملحة لأي اتفاق يستند إلى واقع الأرض، إلا أن ذلك يظل مشوباً بعدم اليقين.
بعد كل هذه التطورات، يصبح السؤال حول ما إذا كان على موسكو أن تأخذ في الاعتبار التحولات المحتملة في علاقاتها مع سوريا محور النقاش بين المحللين. يشير أونتيكوف إلى أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يجعل السوريين يبحثون عن خيارات أخرى لتحقيق السلام، وقد يفكرون في الانفتاح على الولايات المتحدة كبديل محتمل. كما يعتبر أن انضمام سوريا لمجموعات إقليمية مثل “البريكس” قد يساهم في تطوير ذلك، على الرغم من أن روسيا ليست العضو الوحيد فيها.
ختاماً، تظل العلاقات بين روسيا وسوريا في حالة من الترقب والتغير، ومع استمرار الأزمات الاقتصادية والأمنية، سيبقى المستقبل غامضاً. يدعو المحللون الروس إلى الانتباه إلى المشاعر المتزايدة لدى السوريين، حيث قد تهدد هذه المشاعر التحالف التقليدي الذي نشأ وازدهر سابقاً، مما يحتم على موسكو التفكير بجدية في تلك المتغيرات والتوجهات الجديدة في المنطقة.