أعربت أوساط مغربية عن قلقها إزاء مقترح تشريعي تقدمت به الحكومة المغربية يتعلق بمنح الجنسية لأبناء وأحفاد المواطنين اليهود. هذا الاقتراح أثار حفيظة العديد من الفئات، حيث يعتبرون أن إجازته قد تؤدي إلى تجنيس أفراد مُتورطين في جرائم إبادة الشعب الفلسطيني. وقد أعلنت الوزارة المعنية بالعلاقات مع البرلمان إنها تلقت ملتمساً يطالب بإعطاء الجنسية المغربية لليهود المغاربة، ويهدف إلى تأمين حقوقهم الدستورية والاجتماعية والثقافية. في الوقت نفسه، يتساءل المغاربة حول تداعيات هذا المقترح على هوية البلاد واستقرارها.

الملتمس جاء كاقتراح أو توصية من مواطنين مقيمين، سواء داخل المغرب أو خارجه، عبر موقع “البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة”، وهو حق منحهم وفق دستور 2011. تحديداً، يتطلب القانون المغربي 20 ألف توقيع لدعم الملتمس حتى يتم إحالته إلى مجلس النواب. ووفقاً للإجراءات القانونية، يتعين على لجنة فحص تقديم القرار النهائي بشأن الملتمس في غضون 15 يوماً. هذه الآلية القانونية تعكس محاولة لإشراك المواطنين في صنع القرار، إلا أن الكثيرين يعتقدون أن هذا الاقتراح يتجاوز الحدود، مما يثير مخاوف جدية حول أهدافه.

الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع عبّرت عن معارضتها الشديدة لهذا الاقتراح، مشيرة إلى أنه يمثل تهديداً لاستقرار المملكة ويفتح الباب لتجنيس مستوطنين متورطين في جرائم ضد الشعب الفلسطيني. الجبهة اعتبرت هذا الملتمس “فعلاً خيانياً” ضد الشعب المغربي، مؤكدة عزمها على مواجهة هذا التوجه عبر مجموعة من الوسائل، بما في ذلك الاحتجاجات الشعبية. هذا الموقف يعكس جزءاً من الاستياء الواسع الذي يشعر به الكثير من المغاربة حيال القضايا المرتبطة بإسرائيل والفلسطينيين.

في خضم تقديم هذا الملتمس، تشهد مدن مغربية عدداً من الوقفات التضامنية مع قطاع غزة الذي يتعرض لحملة إبادة من قبل إسرائيل، حيث يُذكر أن الآلاف من الفلسطينيين لقوا حتفهم نتيجة لهذا الصراع. تطالب هذه التظاهرات بوقف التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وتعبر عن رفضها للاعتداءات على غزة. هذه الأوضاع تعكس حالة التوتر والانقسام في الرأي العام المغربي تجاه العلاقة مع إسرائيل وتأثيرها على القضية الفلسطينية.

تأسيس العلاقة الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر 2022، والذي تم بوساطة أميركية، أثار ردود فعل متباينة بين قطاعات الشعب المغربي. زيارة المسؤولين الإسرائيليين إلى الرباط بعد ذلك جاءت في سياق هذا التطبيع، لكن وتيرة هذه اللقاءات انخفضت مع بدء الأحداث الدموية في غزة. بينما لا توجد معلومات دقيقة حول عدد المواطنين اليهود في المغرب، تشير تقارير إلى أرقام تتراوح بين 1500 شخص وما هو أكبر، مما يظهر التباين بين المصادر.

الدستور المغربي يرسخ الهوية الوطنية للبلاد كونه “دولة إسلامية ذات سيادة كاملة”، ويؤكد على وحدة الهوية التي تتميز بالتنوع الثقافي. هذه الهوية تشمل مكونات متنوعة من التراث، مما يضع المقترح التشريعي تحت مجهر التدقيق من قبل المجتمع المغربي. العديد من الحقوقيين في البلاد يحذرون من إدماج أبناء الجالية اليهودية القادمين من إسرائيل، مؤكدين على ضرورة المحافظة على القيم الوطنية والإسلامية للدولة.

في الختام، يُظهر الوضع الراهن في المغرب وجود تداخلات معقدة بين السياسة الداخلية والقضية الفلسطينية. يحتاج المغاربة إلى حوار عميق حول مستقبل هوية المملكة وعلاقاتها الثقافية والسياسية، وخاصة في ظل الأوضاع المتغيرة في المنطقة. ما زالت آثار المقترحات التشريعية تؤثر على نقاشات الرأي العام، مع الحاجة إلى معالجة القضايا ذات العمق الاجتماعي والسياسي بطرق تحتفظ بالوحدة الوطنية وتحمي حقوق جميع مكوناتها.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.