بعد نحو عام ونصف من المناقشات حول إمكانية نقل فرنسا طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون عن تقديم الدعم العسكري لكييف إلى مرحلة جديدة من خلال تسليمها طائرات مقاتلة من نوع “ميراج 2000-5”. وأكد ماكرون أن الهدف من هذا الدعم هو تعزيز حماية الأراضي الأوكرانية ومجالها الجوي، على أن يبدأ تدريب الطيارين الأوكرانيين في نهاية عام 2024. بينما لم يحدد ماكرون عدد الطائرات المزمع تسليمها، جاء وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو ليشير إلى أن أوكرانيا ستتمكن من استخدام هذه الطائرات في النصف الأول من عام 2025.

أثارت هذه الخطوة ردود فعل متباينة، حيث انتقد البعض داخل فرنسا تسليم المقاتلات واعتبروا أنه يمثل تصعيدًا للأزمة. زعم زعيم حزب “الوطنيين” فلوريان فيليبو أن هذا القرار يعد تحريضًا على الحرب ويهدد قوة الجيش الفرنسي. في المقابل، لم يعتبر المسؤولون الروس هذا التحرك تهديدًا كبيرًا، حيث أشار فيتالي ميلونوف عضو مجلس الدوما إلى أن فائدة المقاتلات الفرنسية ستكون محدودة بسبب الحاجة إلى تعليم الطيارين الأوكرانيين كيفية استخدامها. ورغم ما يعتقده بعض المحللين الروس من أن طائرات “ميراج” قد لا تُحدث فرقًا حقيقيًا في ميزان القوة العسكرية، إلا أن القرار لا يزال يُعتبر جزءًا من الخطوات الغربية الموجهة ضد روسيا.

شغلت طائرات “ميراج 2000-5” مكانتها العسكرية منذ سبعينيات القرن الماضي وتُعاني من بعض النقائص التي قد تؤثر على فعالية الدعم المقدم لأوكرانيا. وفقًا للخبير العسكري فيكتور ليتوفكين، فإن الطائرات تحمل صواريخ ذات مدى أقصر مقارنة بالطائرات الحديثة مثل “إف-16″، ويعاني الجيش الأوكراني من نقص الطيارين المدربين على قيادة هذه المقاتلات. وعلى الرغم من كفاءتها في بعض المهام، فإن الاعتماد على طيارين غير مدربين سيكون له نتائج عكسية، مما يعني أنه من الضروري توفير قوات مدربة لكي تستفيد أوكرانيا من هذا الدعم.

يمثل إعلان ماكرون جزءًا من استراتيجية تصعيد مستمرة ضد روسيا، حيث عُرف عنه أنه من دعاة إرسال قوات برية إلى أوكرانيا. ويدل قرار تسليم المقاتلات على دعم فرنسا الواضح لأوكرانيا، على الرغم من انقسام الآراء حول هذا الدعم. إذ يعتقد المراقبون أن هناك شكوكا موجهة ضد فعالية هذا الدعم العسكري، وأنه لا يهدد الهيمنة الروسية في المجال الجوي.

علاوةً على ذلك، تبرز حاجة أوكرانيا إلى تحسين بنيتها التحتية لتلبية احتياجات المقاتلات الفرنسية. وأشار بعض المحللين إلى أن إمكانية استخدام مرتزقة أو طيارين غربيين قد تكون ضرورية لأن طيارين أوكرانيين بحاجة إلى وقت طويل لتعلم المهارات الأساسية. وتظهر هذه التحديات في إطار الجهود اللازمة لحماية الطائرات الجديدة وتوفير الأمن اللازم.

في سياق الجهود الدولية لتعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا، يتعين على الحكومة الأوكرانية التفكير بعناية في خطة لتدريب الطيارين وصيانة الطائرات الجديدة. يدخل هذا القرار في إطار القضايا الكبيرة التي يواجهها الجيش الأوكراني على جميع الأصعدة، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة تجهيز قواته مع الحفاظ على قدرة التشغيل الفعالة للعتاد العسكري. إن كيفية تفعيل هذه الطائرات الجديدة على الأرض ستكون لها تأثيرات كبيرة على مجمل أداء الجيش الأوكراني في سياق الصراع المستمر.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.