يشير مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إلى الوضع الصعب الذي يعيشه الجيش اللبناني في ظل التصعيد الحالي بين إسرائيل وحزب الله. يعكس هذا الوضع الحرج حاجة الجيش اللبناني للحفاظ على موقف واضح، حيث لا يمكنه التواطؤ مع العدو الإسرائيلي أو الظهور بمظهر المحايد. وعقب زيارة قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، لرئيس مجلس النواب نبيه بري، تم التأكيد على ضرورة عدم مشاركة الجيش اللبناني في المواجهة الجارية بين إسرائيل وحزب الله، وهو ما يعكس الإطار السياسي الذي يحيط بالجيش.
ورغم أن السلطات السياسية أكدت هذا الموقف، فإن مصادر مقربة من الجيش شددت على أن هذا لا يعني تراجعهم عن مواقعهم في الجنوب، والتي تبعد حوالي 30 كيلومترا عن الحدود الإسرائيلية. وأفادت التقارير بأن عون قرر سحب بعض القوات من مراكز المراقبة على الحدود بعد تعرضهم لهجمات إسرائيلية أسفرت عن مقتل عدد من الجنود اللبنانيين. حصيلة الخسائر البشرية من الجانب اللبناني تضم 18 جندياً، بالإضافة إلى إصابة 45 آخرين بسبب الغارات الإسرائيلية، وهذا يزيد من الضغط على الجيش اللبناني في مواجهة التهديدات المستمرة.
تجدر الإشارة إلى أن الجيش اللبناني يعاني من نقص في الموارد ويعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي لتسليحه وتدريبه. منذ عام 2006، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، سعت الولايات المتحدة وعدد من الحكومات العربية والأجنبية إلى دعم الجيش اللبناني لتمكينه من إعادة الانتشار في الجنوب. ورغم القدرات المحدودة للجيش اللبناني مقارنة بإسرائيل، إلا أنه يبقى مستعدًا للرد ضمن حدود إمكانياته، وقد أقدم الجيش على الرد على الاعتداءات الإسرائيلية للمرة الأولى منذ بدء هذه الجولة من الصراع.
من ناحية أخرى، تبرز مخاوف تتعلق بثقة الجنوبيين في قدرة جيشهم على حمايتهم، إذ اعتبر السياسي المقرب من حزب الله، محمد عبيد، أن أساس الثقة في الجيش يعتمد على أدائه في المعركة الحالية. كما تشير التقارير إلى أن الثقة في الطبقة السياسية في لبنان وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ الانهيار الاقتصادي عام 2019، مما يزيد من تعقيد الوضع. رغم ذلك، تشير المصادر الدبلوماسية إلى وجود ثقة دولية إلى حد كبير بالجيش اللبناني، نظرًا لأن تمويله لا يتأثر بشدة بالحكومة اللبنانية.
على الصعيد الدبلوماسي، تركز الجهود الدولية على تحييد الجيش اللبناني عن ساحة المعركة، حيث تتبنى الولايات المتحدة، بصفتها الراعي الأكبر للجيش، استراتيجية لضمان عدم انخراطه في القتال. هناك حديث عن اتفاقيات لوقف إطلاق النار قد تشمل الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. يتم النظر إلى المؤسسات الوطنية مثل الجيش كعوامل رئيسية في الإشراف على مستقبل لبنان، رغم أن حزب الله يبقى الأقوى بالمقارنة مع الجيش اللبناني، وهذا يعكس التعقيد في توجيه الأمور نحو الاستقرار.
ختامًا، يمثل الجيش اللبناني ورقة قوة وضعف في الوقت نفسه بالنسبة للشعب اللبناني، حيث يرى الكثيرون أنه يمكن أن يكون حلاً لإنهاء الصراع. ومع ذلك، تبقى التحديات كبيرة سواء على صعيد الثقة الشعبية أو الإمكانيات العسكرية، في ظل التصعيد العسكري المستمر والضغوط السياسية المحلية والدولية.