عادت الأضواء على حزب المؤتمر الوطني في السودان بعد عودة إبراهيم محمود حامد من الخارج، الأمر الذي أثار مخاوف خصوم الحزب الذين يعتقدون أن هذه الخطوة قد تكون بداية لعودة الحزب إلى السلطة. يُعتبر هذا التطور جزءاً من صراع أعمق في الساحة السياسية السودانية، حيث كان حزب المؤتمر الوطني يشكل جزءاً من حكم الرئيس المعزول عمر البشير حتى الإطاحة به في ثورة ديسمبر 2018. بعد الإطاحة، شهد الحزب سلسلة من التغييرات، بما في ذلك حلّه بموجب قانون “تفكيك نظام الإنقاذ”، ومع ذلك، تمكن الحزب من استعادة نشاطه مؤخراً، ما يمثل تحدياً للسلطات الحالية.
استقبل إبراهيم محمود حامد لدى عودته إلى السودان استقبالاً حافلاً، حيث أكد خلال كلمته على دعم القوات المسلحة وأهمية توحيد جهود الشعب السوداني. وأشار أيضاً إلى أن المخاوف الغربية بشأن الأوضاع في البلاد غير مبررة، مبدياً ثقة في قدرة الشعب السوداني على تجاوز التحديات، معتبراً أن الأعداء الشاكرين للانقسام الفكري بين الناس هم من يستغلون الوضع. كما اعتبر أن المشكلة ليست في الإسلاميين كما تدعي المعارضة، بل في الأوضاع السائدة ككل.
في المقابل، حذر بعض قيادات تنظيمات المعارضة من أن عودة إبراهيم محمود تمثل مؤشراً خطيراً قد يزيد من تعقيد الأوضاع. أشاروا إلى أن تحركات قيادات الحزب المحلول تشير إلى ترتيبات للعودة إلى الحكم، وأن هذه الخطوة تتزامن مع تصاعد حدة الحرب في البلاد. وشدد المتحدثون من قوى المعارضة على ضرورة اعتذار الحزب عن الأخطاء السابقة وإجراء مراجعات جذرية لتجربته في الحكم قبل التفكير في أي نوع من الحوار.
أبدى قيادي في حزب المؤتمر الوطني تفاؤلاً بأن عودتهم تعكس رغبتهم في التقرب من المواطن، مشيراً إلى أنهم تجاوزوا المرحلة الصعبة التي مرت بها البلاد والحزب. وأكد أن الحزب يسعى لتحقيق توافق مع القوى الوطنية وأن التنظيمات الداخلية ستسعى لحل أي خلافات عبر مؤسساته، مشيراً إلى أن الأوضاع التنظيمية المتباينة ليست سوى نتيجة للظروف الاستثنائية.
يعتقد بعض المراقبين أن الخلافات داخل قيادة الحزب لن تؤثر على مسيرته، حيث اعتبروا أن القاعدة الشعبية ظلت تعمل بمبدأ الجماعة وتصدت للأزمات، إلا أن الكاتب عبد الماجد عبد الحميد أشار إلى وجود تحديات داخلية تتعلق بالشرعية بين القيادات. واعتبر أنه يجب على الشخصيات القيادية أن تتعاون بروح من الحوار لمعالجة القضايا الداخلية بدلاً من مزيد من الانقسام.
في ظل التوترات المستمرة في السودان، يبقى مستقبل حزب المؤتمر الوطني موضع شك، بينما تترقب القوى السياسية الأخرى ردود أفعال الشارع واستجابة الحكومة الحالية. تتزايد الضغطات الاقتصادية والأمنية على البلاد مما يجعل الساحة السياسية أكثر تعقيداً، مما يستدعي من جميع الأطراف الوعي والحذر للتعامل مع هذه الأوضاع الحرجة.