رشيد حسن بوجدرة هو أحد الروائيين الجزائريين البارزين الذين عاشوا ازدواجية لغوية بين العربية والفرنسية، ولكن ذلك لم يمنعه من الاعتزاز بالهوية الخاصة به ومن الدفاع عن قضايا الأمة. وفي حلقة من برنامج “تأملات”، تم التطرق إلى بعض محطات حياة هذا الروائي الذي تجاوز الثمانين عامًا.
يعتبر بوجدرة من ضمن الكتّاب الجزائريين الذين يكتبون بالفرنسية ويقومون بترجمة أعمالهم بأنفسهم إلى العربية، والعكس. وعاش بوجدرة حياته بين الاثنتين، حيث كان يعتبر أن كل لغة تحمل معها نغمة سياسية وعاطفية، وهذا ما جعله يتميز بجرأته في انتقاد عيوب القضايا الوطنية والتصريح بها، مستمدًا شجاعته من تجاربه الشخصية.
ولد بوجدرة في الجزائر في عام 1941، ودرس القرآن في الكتاب في سن الرابعة، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية الفرنسية وبمدرسة لتعلم العربية، وكان يقضي 15 ساعة يوميًا في الدراسة. في المرحلة الثانوية تحصل على فرصة لدراسة باللغتين العربية والفرنسية في تونس، وهناك انخرط في جيش التحرير الوطني الجزائري، مقاتلا ضد الاستعمار الفرنسي.
أثّرت تجارب الطفولة لبوجدرة، حيث شهد الظلم الذي كان يُمارس على العمال في أراضي والده، فكانوا يعيشون في إسطبلات الخيل، وكذلك تأثر بفكر شيوعي جده وعمه. وعاش حياته الأدبية بين الفرنسية والعربية، حيث كتب باللغتين وقام بترجمة أعماله بنفسه، لكن بعدها بدأ يُفضل ترك الترجمة للآخرين حتى لا يُغيّر في الرواية ويُقلل من قوّة الأصل.
يظل إسهام بوجدرة في الرواية الجزائرية لا يُنكر، رغم الجدل الدائر حول تصريحاته والبعض يرونها تعويضًا عن نقص الإبداع. ويثير تساؤل الأدب المغاربي الجزائري بين العربية والفرنسية، هل هو إبداع وتجديد أم تعبير عن مرحلة تعبيرية محليّة تمّ ترجمتها إلى لغات أخرى؟
بوجدرة يُعتبر من الأصوات المعاصرة البارزة التي تعبّر عن تجارب فريدة من نوعها وتتناول قضايا هامة تتعلق بالهوية والوطنية والاستعمار. وتظل تجاربه الشخصية والسياسية قائمة لتشكّل مرآة يمكن أن ننظر إليها من خلالها إلى تاريخ الجزائر وتجاربها المتنوعة.