في الآونة الأخيرة، تواجه مصر أزمة حادة في نقص الأدوية، تفاقمت لتصبح قضية تؤرق الكثير من المواطنين، خصوصًا أصحاب الأمراض المزمنة. بدأت القصة عندما حاول أحد المواطنين الحصول على دواء لوالدته، ولكن لم يتوفر في أي من الصيدليات، ما جعله ينطلق في رحلة بحث مضنية شملت 8 صيدليات دون جدوى، وصولًا إلى استغاثات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الأزمة لم تعد عابرة كما في السابق، بل تتفاقم يومًا بعد الآخر، مما يؤكد أن الكثير من المصريين يعانون في صمت من صعوبة الحصول على الأدوية الضرورية.

تقدّر شعبة الأدوية في الاتحاد العام للغرف التجارية أن هناك عجزًا في حوالي ألف نوع من الأدوية من جملة 17 ألفًا متاحة في السوق المصري. ويعكس تزايد الشكاوى على منصات التواصل مدى تفاقم المشكلة. بعض المرضى يضطرون لاستخدام أدوية منتهية الصلاحية، مما يُعرض حياتهم للخطر. أما في حالة الأم التي تعاني من مرض السكري، فقد اضطر ابنها إلى استعارة كمية من الإنسولين من شقيقته المقيمة بالخارج لإنقاذها، مما يبرز مدى أهمية الدواء في الحفاظ على الحياة.

تُعزى الأزمة إلى عدة أسباب، وأحد أبرزها هو عدم استقرار سعر صرف العملة المحلية. فقد أدى تحرير سعر الصرف إلى ارتفاع أسعار الأدوية، حيث تتراوح الزيادات بين 10 إلى 40%، وسط توقعات بزيادات إضافية. بالإضافة إلى ذلك، تسهم عوامل مثل إجراءات الرقابة على الأدوية والتهريب وتخزين الأدوية من قبل بعض التجار في تفاقم الأزمة. كما أُشير إلى ضرورة كتابة الأطباء للأسماء العلمية للأدوية بدلاً من تجارية، وهو ما قد يُساعد في تجاوز الأزمة.

وعلى النقيض، يعاني المصريون المغتربون بالخارج من شعور بالمسؤولية تجاه ذويهم في الوطن، حيث يحرصون على جلب الأدوية عند عودتهم. فهم يواجهون صعوبة في الحصول على الأدوية التي يحتاجها أفراد أسرهم، مما أدى إلى تجمعات على مواقع التواصل الاجتماعي لطلب الأدوية، وهذا يدل على خطورة الوضع. فالأدوية التي كانوا يعتبرونها رخيصة ومتاحة في مصر أصبحت بعيدة المنال، مما يزيد من الضغوط النفسية والاجتماعية على الأسر.

يشير الصيدلي محمد جودة إلى أن التعامل مع الأزمة أصبح أفضل من قبل، حيث بدأ الأطباء والمواطنون في البحث عن بدائل للأدوية غير المتوفرة. ويعتبر أن التواصل بين الصيادلة والمغتربين يُعتبر وسيلة فعالة لمعارضة الأزمة. فعندما تغيب الخيارات المحلية، تعمل المجتمعات على تعزيز روابطها عبر وسائل التواصل، لتأمين صحة أقاربهم في الداخل.

أثارت تصريحات الحكومة حول تصدير الأدوية انتقادات واسعة، حيث يبدو أنه في الوقت الذي يعاني المواطنون في الداخل من نقص الأدوية، تتزايد أرباح مصانع الدواء من التصدير. الحديث عن زيادة صادرات الدواء إلى مليار دولار سنويًا، بينما لا تتوافر الأدوية في السوق المحلي، يطرح تساؤلات خطيرة حول الأولويات الاقتصادية. وفي ظل هذا الوضع المؤسف، يعاني الملايين من المصريين من تداعيات الأزمة، دون أي تقديرات رسمية لنطاق المشكلة ومدى تأثيرها على صحة المواطنين.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.