في حوار أجراه مدير البحوث والسياسات في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) خليل شاهين، تم التطرق إلى إنجازات معركة “طوفان الأقصى” وتأثيرها على القضية الفلسطينية. فقد أشار شاهين إلى أن المعركة نجحت في إعادة الملف الفلسطيني إلى الواجهة عالمياً، مشدداً على ضرورة خوض الفلسطينيين لصراع مفتوح واختيار استراتيجية نضالية للدفاع عن حقهم في الوجود على أرضهم، في ظل محاولات استئصالهم. كما توقع شاهين تشكيل هيئة فلسطينية موحدة لإدارة قطاع غزة، رغم التحديات الكبيرة المرتبطة بالانقسام المستمر بين حركتي فتح وحماس.

ورغم الوضع المعقد، تناول شاهين إمكانية تحقيق حلم الدولة الفلسطينية. وأوضح أنه منذ ما قبل السابع من أكتوبر، كانت موازين القوى تعيق إقامة دولة مستقلة، في ظل الحكم الإسرائيلي المتطرف الذي يرفض التفاوض. وأشار إلى أن معركة 7 أكتوبر كانت مبادرة فلسطينية لتغيير الوضع الراهن، حيث أكد أن اتفاق أوسلو لم يكن قادراً على تحقيق الدولة على حدود 1967. وأكد شاهين على أن القضية ليست مجرد إمكانية إقامة الدولة، بل هي صراع وجودي يواجه الفلسطينيون مع الاحتلال الإسرائيلي، مع توقعات بتهجير الفلسطينيين قسراً في المستقبل.

من جهة أخرى، تحدث شاهين عن خسائر الحرب وصفها بأنها باهظة، لكنه أشار إلى بعض الإنجازات الفلسطينية، مثل فشل العقيدة الأمنية الإسرائيلية. فقد أدى الهجوم إلى انهيار فرقة غزة الإسرائيلية فشلت بها الأجهزة الاستخبارية، مما قد يؤدي إلى إعادة تقييم هذه الأجهزة وقد يتسبب في الإطاحة ببعض القيادات الإسرائيلية. أضاف أن المعركة أعادت القضية الفلسطينية إلى جدول الأعمال الدولي، مما دفع العديد من الدول للاعتراف بأن الأطرق الأمنية لا يمكن أن تحل الصراع، بل يجب معالجة جذوره.

وفيما يتعلق بإعلان تحالف دولي لأجل حل الدولتين، أكد شاهين أن اهتمام المجتمع الدولي يبقى غير كاف لتطبيق الحل السياسي. ورغم وجود بعض الائتلافات، إلا أن عدم توفر الإرادة الدولية لضغط فعلي على إسرائيل يقلل من فرص تحقيق هذا الهدف. وأشار إلى ضرورة وجود تغيير في الاستراتيجية الفلسطينية والتركيز على تحويل الاحتلال إلى مشروع خاسر عبر تكبد إسرائيل تكاليف باهظة بسبب استمراره.

عمّا إذا كان الفلسطينيون مستعدون لجعل النضال جزءاً من استراتيجيتهم، اعتبر شاهين أن السلطة الفلسطينية اتجهت نحو إدارة السكان دون صلاحيات حقيقية على الأرض. وأوضح أن حركة فتح تحتاج إلى تحولات عميقة للتخلص من الهيمنة على الوضع الراهن، بينما ظلت حركة حماس محصورة في السيطرة على غزة، مما أعاق جهود الوحدة الفلسطينية. وأكد أن المصالحة بين الفصائل تتطلب وجود تيار قوي قادر على تجاوز حالة الانقسام المستمرة منذ 17 عاماً.

وفي سياق التصورات المستقبلية، اقترح شاهين تشكيل حكومة فلسطينية متوافقة بعد انتهاء العمليات العسكرية، مع وجود هيكلية تدير شؤون قطاع غزة. ومع ذلك، أقر أن الحكومة الإسرائيلية ترفض أي تمتد للحكومة الفلسطينية، مما يستدعي من الفلسطينيين تشكيل إدارة مدنية للسكان وعدم ترك المجال مفتوحًا لأهداف الاحتلال. وأكد على أهمية مواجهة سياسة الاحتلال وإدارة الشأن الفلسطيني بشكل مستقل وشرعي.

كما تناول شاهين مستقبل الضفة الغربية، محذراً من السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية واستكمال الضم على الأرض الفلسطينية. ولفت إلى أن السلطة لا تزال تعمل على البقاء، داعياً إلى إعادة هيكلة دورها ليكون أكثر فعالية وملاءمة لاحتياجات الشعب الفلسطيني. في نهاية الحوار، اعتبر أن زيادة القرارات الدولية ضد الاحتلال تعد إيجابية، ولكنها ليست كافية دون وجود عمل نضالي فعلي على الأرض لتغيير الواقع، وبالتالي تسليط الضوء على ضرورة توسيع الحراكات الشعبية لدعم القضية الفلسطينية عبر سياسات مؤثرة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.