في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر على لبنان، لم تسلم المستشفيات الحكومية وطواقم الإسعاف من الاستهداف المباشر، مما أدى إلى إغلاق مستشفيات مرجعيون، وميس الجبل، وبنت جبيل في الجنوب لفترة مؤقتة. هذا الوضع المنهار للأوضاع الصحية جاء نتيجة تدهور البنية التحتية الطبية بسبب المواجهات العسكرية المتزايدة بين حزب الله وإسرائيل، مما يشكل تحديًا كبيرًا لنظام الرعاية الصحية في لبنان. تعاني المستشفيات المتبقية من نقص الأدوية والمعدات الطبية، ويزداد الضغط على طواقمها مع ارتفاع أعداد الجرحى والنازحين بسبب القصف.
الساعات الأخيرة شهدت عمليات استهداف مباشرة للمرافق الصحية، حيث تعرض مستشفى “الشهيد صلاح غندور” في بنت جبيل لقصف مدفعي إسرائيلي، مما أدى إلى إصابة 15 شخصًا من الطاقم الطبي. كما استهدفت مسيرة إسرائيلية طاقم إسعاف قريب من مستشفى مرجعيون، مما أسفر عن مقتل 7 أفراد. تأتي هذه الأحداث متزامنة مع السياسة الإسرائيلية التي تستهدف المنظومة الطبية وتؤثر على قدرة المرافق الصحية على تقديم الرعاية اللازمة.
مدير مستشفى مرجعيون، الدكتور مؤنس كلاكش، ذكر أن إدارة المستشفى قررت إخلاءه مؤقتًا حفاظًا على سلامة الطاقم الطبي، بعد الاعتداءات المتكررة. رغم تقديم المستشفى للرعاية للجرحى والمرضى منذ بداية الأعمال العدائية، إلا أن الاستهداف الأخير للطواقم الإسعافية دفع الإدارة إلى اتخاذ هذا القرار المؤلم، حيث لم يعد بإمكانهم استقبال أو نقل مصابين بسبب المخاطر المحدقة.
في سياق آخر، دعت دكتورة سماح البيطار، مديرة مستشفى حاصبيا الحكومي، إلى إدراك الأوضاع الحرجة التي تواجهها مرافق الرعاية الصحية. على الرغم من التحديات، لا يزال المستشفى يعمل على استقبال المرضى، بما في ذلك النازحين الذين يحتاجون إلى خدمات الطوارئ. ومع تصاعد أعداد الجرحى، يعاني المستشفى من نقص حاد في الأدوية، خصوصًا الأدوية الكيميائية الضرورية، بسبب إغلاق مركز النبطية.
تشكل الظروف الحالية خطراً كبيراً على استمرارية الخدمة الصحية، حيث يضطر المستشفى للاعتماد على المخزونات السابقة من الأدوية، في وقت يعاني فيه من نقص في إمدادات الأكسجين والمياه. ومع ذلك، يواصل الطاقم الطبي تقديم خدماته استجابة للضغط المتزايد، رغم المخاطر الأمنية التي تمنع بعض الأطباء من الوصول إلى المستشفى.
ختامًا، تبرز الأزمة الحالية في لبنان الأبعاد الإنسانية العميقة للصراع، حيث تضررت مرافق الرعاية الصحية بشكل كبير، مما يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لضمان استمرارية تقديم الخدمات الصحية. يعاني العاملون في هذا المجال من فقدان الزملاء وإصابات متزايدة، مما يزيد من الأعباء الملقاة على كاهلهم ويعكس شدة الأزمة الراهنة.