بعد عام من عملية “طوفان الأقصى”، ظهرت آثار واضحة لهذه العملية على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والقضية الفلسطينية، حيث كانت هذه العملية نقطة التحول التي أعادت حركة حماس إلى جذورها كمقاومة تعتمد على الكفاح المسلح ضد الاحتلال. بدلاً من مشروع التطبيع الذي كان مسيطرًا على السياسة الإقليمية، أصبح الصراع مسارًا يمتد عبر عدة جبهات، من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى لبنان واليمن والعراق، وهو ما دفع الحركة إلى إعادة توجيه استراتيجيتها نحو مواجهة الاحتلال بشكل أكثر فعالية.
أدت عملية “طوفان الأقصى” إلى تقوية موقف الحركة إزاء الوقوف في مواجهة الاحتلال، بعد وصول جهود الدمج بين الحكم والمقاومة إلى طريق مسدود. حيث استخدمت حماس كل ما لديها من قوة وموارد لتكبيد الاحتلال أكبر الأضرار، ما عكس تأثيره على الفلسطينيين سنويًا، كما زاد من المقاومة في الضفة الغربية والجبهة الشمالية، حيث تصاعدت المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي. في هذا السياق، انضمت عدة جماعات إلى حماس في مواجهة الاحتلال، بما في ذلك حزب الله وجماعة أنصار الله الحوثية، مما ساهم في تعزيز جهود المقاومة وإضعاف قوة إسرائيل.
شكلت هذه التطورات تحولًا في السياسة الإقليمية، حيث عبّر هذا الاشتباك عن رفض فلسطيني وعربي وإسلامي لبقاء إسرائيل، بدلًا من مسار التحالفات العربية الإسرائيلية السابق. وأدى ذلك إلى تصاعد شعبية حركة حماس بشكل غير مسبوق، مدعومة بمسيرات ضخمة في مختلف أنحاء العالم. لكن الحركة لم تستفد بشكل كافٍ من هذه الشعبية الكبيرة، مما جعل من الضروري تعزيز تنظيمها وإعادة هيكلة استراتيجياتها لضمان استمرارية الاستجابة للاحتلال.
مع ظهور الأزمات العسكرية، ازداد تشدد الدول الراعية للاحتلال تجاه حركة حماس، ولكن أيضًا زاد التضامن الشعبي مع الحركة، مما أدى إلى تراجع بعض من هذا التشدد. تطورت العلاقات السياسية لحماس مع دول مثل روسيا والصين وإيران، مما يعكس دور الحركة المتزايد في الصراع الإقليمي مع الولايات المتحدة. كما حضرت الحركة دعوات لمصالحة وطنية من دول ذات نفوذ في المنطقة، مما يفتح آفاقًا جديدة في العلاقات الإقليمية.
على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها الحركة، بما في ذلك عمليات الاحتلال العسكرية والاغتيالات، إلا أن بنيتها التنظيمية لا تزال تحتفظ بقدرتها على العمل. وقد تمكنت حماس من تجنيد مقاتلين جدد رغم الظروف الصعبة، فيما تستمر كتائب القسام في تطوير تكتيكاتها وتصنيع أسلحة جديدة بالرغم من تدمير جزء كبير من قوتها الصاروخية. الويلات الإنسانية التي يواجهها سكان القطاع، إثر الحصار المستمر، تشكل ضغطًا على حماس لتعزيز دورها في الإغاثة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.
ومع ذلك، فإن القرارات والمخاطر السياسية التي أخذتها حركة حماس بدخولها في مواجهة مفتوحة مع الاحتلال تظل جوهرية. إلا أن هذه المخاطر تتوازن مع الفرص المتاحة، وخاصة مع ملاحظة التغيرات الحالية في المنطقة والمجتمع الدولي. فبعد أكثر من مائة عام من الصراع ومواجهة الاحتلال، يبدو أن المقاومة لا تزال الخيار الوحيد المتاح للفلسطينيين، مدعومةً بإرادة إقليمية ودولية متزايدة تدعم حقوق الشعب الفلسطيني، مما قد يمهد الطريق لتعزيز دور حماس والمؤسسات الفلسطينية في المستقبل.