في ساحة واسعة في مدينة صيدا اللبنانية، تتجمع العائلات النازحة من القصف الإسرائيلي، ويعكس منظر والدة خليل واقع مأساوي تعيشه تلك العائلات. تتحدث أم خليل عن همومها وتنتظر المساعدة من فاعلي الخير، مشيرةً إلى أن الدولة لم تتمكن من تلبية الاحتياجات الأساسية للنازحين. تعبر كلماتها عن شغف كبير للحياة رغم الظروف القاسية التي تخيم على حياتها، وهي تعيش في العراء مثل الكثير من النازحين الذين رحلوا عن منازلهم بسبب القصف. تجتمع الأسر في هذه الساحة تحت ظروف قاسية، معتمدةً على المساعدات الفردية التي تصل إليهم أحيانًا في شكل فرش أو طعام.
تتزايد الضغوط الإنسانية في لبنان، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد النازحين تجاوز مليون و200 ألف شخص، بينهم 172 ألفًا مسجلين في مراكز الإيواء الرسمية. وأكثر من ذلك، تحول العديد من المدارس والمراكز العامة إلى مراكز إيواء، لكن الموارد المتاحة لا تلبي احتياجات هؤلاء النازحين. تعبر أم علاء، إحدى النازحات، عن سخطها من الوضع، حيث تعيش مع عائلتها في قطعة أرض صغيرة دون خيمة أو مأوى، وكل ما يملكونه هو بطانية واحدة للنوم. تعكس معاناتهم صورة مأساوية تسلط الضوء على انعدام الأمان والراحة التي كان من المفترض أن تتوفر للأسر النازحة.
تسجل التقارير الإغاثية تحديات متزايدة في لبنان، حيث يتواصل النزوح بفعل القصف المتواصل، ما ينعكس سلبًا على حياة النازحين، خصوصًا الأطفال الذين يعانون من فقدان الاستقرار والحقوق الأساسية. من جهة أخرى، يوضح منسق لجنة الطوارئ في الحكومة اللبنانية أن الأزمة قد تتجاوز قدرة أي دولة على التعامل معها، مشيرًا إلى أن ربع اللبنانيين قد نزحوا في وقت قصير، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا. ومع استمرار القتال، تستمر قوافل النازحين بالتزايد، بينما تظل الجهود الحكومية والمساعدات الدولية عاجزة عن تلبية هذه الطلبات.
في سياق هذا الواقع المؤلم، تعاني مراكز الإيواء من الاكتظاظ ونقص الموارد، مما يزيد من حدة المشكلات. بينما تسعى عدة منظمات أهلية ومجتمعية لتقديم المساعدة، إلا أن الاحتياجات تفوق بكثير ما هو متاح. يعمل الدكتور ظافر الخطيب، رئيس جمعية ناشط، على تقديم الدعم للنازحين بإعداد وجبات ساخنة وتوفير رعاية نفسية واجتماعية للأسر، إلّا أن هذه الجهود بحاجة لدعم أكبر لتلبية احتياجات المزيد من النازحين.
بجانب محاولات الجمعيات الإنسانية، يعاني النظام الصحي اللبناني من الضغط الشديد نتيجة تزايد حالات الإصابات جراء القصف المتواصل. يطالب المسؤولون بتوفير علاج ورعاية صحية، خاصةً للجرحى. مع ارتفاع عدد المصابين والتحديات الصحية المتزايدة، تبقى الحاجة ماسة للمساعدات وتعاون المجتمع الدولي للحفاظ على حياة المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية.
في الختام، فإن الأزمة الإنسانية التي تعيشها لبنان بسبب النزاح تعتبر من أخطر الأزمات التي تمر بها البلاد. تجمع الصور المأساوية للعائلات التي الفرار من القصف، والتزايد المستمر في عدد النازحين، إلى جانب التحديات التي تواجه الحكومة والمنظمات الإغاثية، كل ذلك يشكل صورة مقلقة لمستقبل لبنان والنازحين فيه. تحقيق الاستقرار يتطلب التعاون والإرادة من كل الأطراف لتخفيف معاناة هؤلاء الناس وتحسين ظروف حياتهم.