خلال مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قدم الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان خطابًا يتسم بالنغمة التصالحية مع الغرب، داعيًا إلى بدء “حقبة جديدة” واستعادة الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه مسبقًا مع الولايات المتحدة والقوى العالمية. يأتي هذا في وقت شهدت فيه العلاقات الإيرانية الأمريكية توترات كبيرة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق في عام 2018، خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. مع ذلك، كان بزشكيان حريصًا على إظهار استعداد إيران لتجديد الدبلوماسية مع دول الغرب، وعلى وجه الخصوص مع الولايات المتحدة، من أجل الحد من عزلتها وتحسين وضعها الاقتصادي.
اجتمع بزشكيان مع صحفيين أمريكيين وخبراء في مراكز الأبحاث، إلى جانب قادة من فرنسا وسويسرا، في محاولة لتوصيل رسالة مفادها أن بلاده منفتحة على الحوار واستئناف الصفقة النووية المبرمة مسبقًا. أكد بزشكيان أن إيران مستعدة للنقاش حول جميع القضايا إذا تم تنفيذ الاتفاق الأصلي بالكامل. رغم دعواته للتفاوض، فإن الهجمات الإيرانية الصاروخية على إسرائيل أظهرت تحولًا في الأوضاع، ما أثار تساؤلات حول إمكانية تحقيق تقدم في العلاقات الإيرانية الأمريكية، حيث أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بسياسة ضبط النفس حيال الأنشطة الإيرانية.
خلال فترة رئاسته القصيرة، واجه بزشكيان تحديات كبرى، منها اغتيال إسرائيل شخصيات بارزة من حركات مثل حماس وحزب الله. هذا التصعيد أدي إلى توترات جديدة ولقي انتقادات من داخل إيران حول تصرفاته التصالحية التي اعتبرت ضعفًا. العديد من المحللين يرون أن القوة الحقيقية في البلاد تظل في يد المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري، مما يحد من قدرة بزشكيان على تحقيق تغييرات ملموسة في السياسة الخارجية.
من جانب آخر، تظهر بعض الآراء بأن التحسن في العلاقات الأمريكية الإيرانية باء بالفشل في الوقت الحالي، مع وجود اعتقاد بأن إدارة بايدن مشغولة بأزمات عدة، مثل الحروب في أوكرانيا وغزة. وتؤكد التوجهات الأمريكية على عدم وجود نية واضحة للتخفيف من العقوبات على إيران في المستقبل القريب. كما يبدو أن السياسة الأمريكية تجاه إيران ستظل ثابتةً حتى مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والتي قد تؤثر بشكل كبير على الاتصالات المستقبلية بين الجانبين.
تصريحات باربرا سلافين، خبيرة الشؤون الدولية، توضح أن الاحتمالية لنشوء علاقات دبلوماسية إيجابية تبدو ضئيلة، مشددة على أن بزشكيان ليس الشخص الذي يتخذ القرارات العليا. ومع التوجهات المتغيرة، هناك حديث عن احتمال اعتراف ضمني من قبل إيران بحق إسرائيل في الوجود كجزء من عملية تسوية أكبر. هذا الإطار يمثل تحولًا لبعض ما كان قائماً في عهد الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي.
في ظل الظروف الحالية، قد يكون من الصعب التصور عن أي انفراج قريب في العلاقات الإيرانية الأمريكية. تصريحات نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس في أعقاب الهجمات الإيرانية تعكس موقفًا قويًا من أولوية الأمن الإسرائيلي، مشددة على أن إيران ليست تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل أيضًا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. وقد أكد الرئيس بايدن على حق إسرائيل في الرد على أي هجوم، مما يظهر أن استراتيجية الولايات المتحدة تجاه إيران ستظل مضبوطًة وفق الأولويات الإقليمية والعالمية، مما يعكس تعقيدات الموقف في منطقة الشرق الأوسط.